khaled28 Admin
عدد المساهمات : 183 نقاط : 555 تاريخ التسجيل : 22/12/2009 العمر : 31 الموقع : khaled.forum-canada.com
| موضوع: نجاة موسى - عليه الصلاة والسلام – وقومه ! الجمعة ديسمبر 25, 2009 2:16 pm | |
| فضيلة العلامة محمد بن صالح العثيمين : الحمد الله الذي أعز أولياءه بنصره ، وأذل أعداءه بخذله ، فنعم المولى ونعم النصير ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ، البشير النذير والسراج المنير ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم المصير ، وسلم تسليمًا كثيرًا . أما بعد :
أيها الإخوة المسلمون : اتقوا الله - تعالى - حق التقوى ، واعتصموا بالإسلام فهو العروة الوثقى ، واتقوا عذاب النار ؛ فإن أجسامكم على النار لا تقوى .
عباد الله : اذكروا أيام الله لعلكم تذكرون وتعتبرون ، اذكروا أيام الله بنصر أنبيائه وأتباعهم لعلكم تشكرون ، واذكروا أيام الله بخذل أعدائه ومَن والاهم لعلكم تتقون ، واذكروا أيام الله إذا نزل للقضاء بين عباده يوم القيام لعلكم توقنون .
أيها الإخوة المسلمون : إن نصر الله لأوليائه في كل زمان ومكان وأمة انتصار للحق وذل للباطل ، وأخذ للمتكبر ونعمة على المؤمنين إلى يوم القيامة ؛ لأن كل مؤمن يسر بذلك ؛ لأن فيه نصر دين الله - عز وجل - ، وفي هذا الشهر " شهر المحرم " كانت نجاة موسى - عليه الصلاة والسلام - وقومه من فرعون وجنوده .
لقد أرسله الله - تعالى - إلى فرعون بالآيات البينات والبرهان القاطع على نبوته ، أرسله إلى فرعون الذي تكبر على الملأ وقال: ( أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى ) . [ النازعات : 24 ] . فجاءه موسى بالآيات العظيمة ودعاه إلى توحيد الله تعالى ، إلى خالق السماوات والأرض رب العالمين ، فقال فرعون مكابرًا ومنكرًا وجاحدًا : ( وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ ) . [ الشعراء : 23 ] . أنكر الرب العظيم الذي قامت بأمره السماء والأرض ، وفي كل شيء له آية تدل على وجوده وربوبيته وعلمه وقدرته وحكمته ، وإنه الرب الواحد الذي يجب إفراده بالعبادة كما هو منفرد بالخلق والتدبير فأجابه موسى - عليه الصلاة السلام - قائلاً : ( رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ ) . [ الشعراء : 24 ] . يعني : هذا رب العالمين وذلك أن في السماوات والأرض وما بينهم من الآيات ما يوجب الإيمان واليقين ، فرد فرعون مقالة موسى مستهزئًا به ومحتقرًا له : ( قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ ) . [ الشعراء : 25 ] . يقول هذا سخرية واستهزاءً ، فأجاب موسى - صلى الله عليه وسلم - مذكرًا لهم أصلهم وأنهم مخلوقون مربوبون وكما خلقوا فهم صائرون إلى العدم طريقة آبائهم الأولين ، فقال : ( رَبُّكُمْ وَرَبُّ آَبَائِكُمُ الأَوَّلِينَ ) . [ الشعراء : 26 ] . وحينئذٍ بُهت فرعون فلم يستطع أن يجيب ولكنه ادَّعى دعوى الكاذب المغبون ، فقال: ( إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ ) . [ الشعراء : 27 ] . وهكذا يكون رد الخائب الخاسر الذي ليس عنده برهان أن يلجأ إلى الطعن وإلى اللجاج وإلى الغضب ، فطعن فرعون بالرسول وبمن أرسله فأجابه موسى مبينًا مَن هو الأحق بوصف الجنون ، أهو المؤمن بالله خالق السماوات والأرض ومالك المشرق والمغرب أم هو المنكر لذلك ، فقال موسى : ( رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ ) . [ الشعراء : 28 ] ، ومَنْ الذي يملك المشرق والمغرب ، مَن الذي يملك الأفاق سوى الملك الخلاق ، فلما عجز فرعون عن مقاومة الحق وأفحمه موسى بالحجة والبرهان لجأ إلى ما يلجأ إليه العاجزون المتكبرون من الإرهاب والوعيد فتوعد موسى بالاعتقال والسجن قائلاً : ( لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ ) . [ الشعراء : 29 ] . وتأمل لم يقل : لأسجننك بل قال : لأجعلنك من المسجونين إشارة إلى أن لديه مساجين كثيرين ؛ ليزيد في إرهاب موسى حيث أن له من القوة والسلطان ما مكنه من سجن الناس الذين سيكون موسى من جملتهم على حد تهديده ، قال : ( لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ ) . [ الشعراء : 29 ] .
وما زال موسى يأتي بالآيات واضحة وضوح النهار وفرعون يحاول بكل جهوده ودعاته أن يقضي عليها بالرد والكتمان حتى قال لموسى - عليه الصلاة والسلام - : ( أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى . فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى ) . [ طه : 57 - 58 ] . أي : مكانًا مستويًا لا يحجب عن الرؤية فيه وادٍ ولا جبل ، فواعدهم موسى موعد الواثق بنصر الله ، وقال لهم : ( مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى ) . [ طه : 59 ] . ويوم الزينة هو : يوم العيد وأن يحشر الناس ضحي ، أي : في أول النهار ؛ حتى لا يبغتهم الليل فاجتمع الناس وأتى فرعون بكل ما يستطيع من كيد ومكر ، فقال لهم موسى : ( وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى ) . [ طه : 61 ] . فوقعت هذه الكلمة الواحدة الصادرة عن إيمان ويقين بين الناس أشد من السلاح الفتاك فتنازعوا أمرهم بينهم وتفرقت كلمتهم وصارت العاقبة لنبي الله موسى - صلى الله عليه وسلم - وأعلن خصومه من السحرة إيمانهم به ، قال تعالى : ( فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ . قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ . رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ ) . [ الشعراء : 46 - 48 ] . وقالوا لفرعون حين توعدهم : ( قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا . إِنَّا آَمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ) . [ طه : 72 - 73 ] .
ومازال فرعون ينابذ دعوة موسى - صلى الله عليه وسلم - حتى قال الله - عز وجل - عنه : ( فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ ) . [ الزخرف : 54 ] . قال الله - عز وجل - : ( فَلَمَّا آَسَفُونَا ) . [ الزخرف : 55 ] . أي : أغضبونا . ( انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ . فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلاً لِلآَخِرِينَ ) . [ الزخرف : 55 - 56 ] ، وكان من قصة إغراقهم أن الله - جل ذكره - قال : ( وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي ) . [ طه : 77 ] . وقال - سبحانه وتعالى - : ( فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ ) . [ الدخان : 23 ] . ليلاً من مصر فاهتم فرعون لذلك اهتمامًا عظيمًا فأرسل في جميع مدائن مصر أن يحشر الناس للوصول إليه في أمر يريده الله - عز وجل - ، فاجتمع الناس إليه فخرج بهم في أثر موسى وقومه ليقضي عليهم حتى أدركهم عند البحر الأحمر ، قال الله - عز وجل - : ( فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ) . [ الشعراء : 61 ] . البحر أمامنا فإن خضناه غرقنا وفرعون وقومه خلفنا وسيأخذوننا ، فقال لهم موسى - عليه السلام - : ( كَلاَ - أي : لستم مدركين - إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ) . [ الشعراء : 62 ] . هكذا الإيقان والإيمان وهكذا الثقة بوعد الله ونصره ، فأوحى الله إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فضربه فانفلق - بإذن الله - اثني عشر طريقًا ، صار هذا الماء السيال بينها ثابتًا كأطواد الجبال فدخل موسى وقومه يمشون بين جبال الماء في طرق يابسة أيبسها الله - تعالى - بلحظة آمنيين : قال الله تعالى : ( فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ ) . [ الشعراء : 63 ] . فلما تكاملوا خارجين وتبعهم فرعون بجنوده داخلين أمر الله البحر أن يعود إلى حاله فانطبق على فرعون وجنوده حتى غرقوا عن آخرهم ، فلما أدرك فرعون الغرق ، قال : ( آَمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ) . [ يونس : 90 ] . ولكن لم ينفعه الإيمان حينئذٍ فقيل له توبيخًا ( الآن - يعني : الآن تؤمن - وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ) . [ يونس : 91 ] .
قال الله - عز وجل - : ( كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ . وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ . وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ . كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آَخَرِينَ . فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ ) . [ الدخان : 25 - 29 ] . فأورث الله بني إسرائيل أرض فرعون وقومه المجرمين ؛ لأن بني إسرائيل كانوا حين ذاك على الحق سائرين ولوحي الله الذي أنزله على موسى متبعين ، فكانوا وارثين لأرض الله كما وعد الله - عز وجل - : ( إِنَّ الأَرْضَ للهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ . [ الأعراف : 138 ] . وقال - عز من قائل عليمًا - : ( وَلَقدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ . إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ ) . [ الأنبياء : 105 - 106 ] .
أما فرعون فلما كان مرعبًا لبني إسرائيل قال الله - عز وجل - : ( فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آَيَةً ) . [ يونس : 93 ] . فأنجى الله بدنه حتى شاهده بنو إسرائيل طافيًا على الماء فأيقنوا أنه هلك ثم أنه هلك فيمن هلك وأكلته الحيتان كما هي العادة ، أما ما يوجد في أهرام مصر اليوم فليس هو فرعون موسى .
أيها الناس : إن نجاة نبي الله موسى وقومه من عدو الله فرعون وجنوده لنعمة كبرى تستوجب شكر الله - عز وجل - ، فاللهم إنا نشكرك على خذلان أعداء الله وعلى انتصار أولياء الله ؛ ولهذا لما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة وجد اليهود يصومون اليوم العاشر من هذا الشهر شهر المحرم ، فقال : ( ما هذا !؟ ) قالوا : يوم صالح نجى الله فيه موسى وقومه من عدوهم ، فصامه موسى . فقال النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : ( فأنا أحق بموسى منكم ) . فصامه وأمر بصيامه ، وسئل عن فضل صيامه - أي : اليوم العاشر - فقال - صلى الله عليه وسلم - : ( أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله ) .
فقد سمعتم أن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - صام يوم عاشوراء وأمر الناس بصيامه ، ولكنه أمر أمته أن تخالف اليهود : أن ( يصوموا يومًا قبله أو يومًا بعده ) . وقال : ( لئن عشت إلى قابل لأصومن التاسع ) . يعني : مع العاشر . | |
|